ملاحظات حول العمل (الكتابة) - مقال مترجم من مجلة النيويوركر

 بقلم: Weike Wang
1 فبراير 2022 ترجمة: رأفت رحيم

--------------------

رسومات Bianca Bagnarelli

هناك فخر مازوخي للإفراط في العمل. ما مدى ثقل عبء العمل الذي يمكنني التعامل معه حقا؟ كم عدد الأطباق التي يمكنني الاحتفاظ بها في الهواء؟

1- في بعض الأحيان أشعر كما لو أن لدي خمس وظائف، ثم أدرك أن هذا هو الحال في الواقع. الوظائف هي التدريس في ثلاث كليات، والعمل في شركة خاصة للإعداد للاختبار، والكتابة. الوظيفة الأخيرة هي الأكثر مكافأة ولكنها أيضا الوظيفة التي تحتوي على أكثر الأشياء المجهولة. "كم من الوقت يستغرق منك كتابة قصة؟" سوف يسألني أصدقائي غير الكتاب، ويشرعون في إخباري أنه إذا كتبت بشكل أسرع، أو كان لدي فريق، مثل جيمس باترسون ، فيمكنني إنتاج ما يصل إلى ستة كتب صلبة في السنة.

2- بما أن الكتابة ليست مهنة فعالة من حيث التكلفة، من الناحية العملية، فإن وظائفي الأخرى هي ما أفعله لكسب المال وتوفيره. ليس لدي هدف مالي محدد في ذهني، لكنني لن أتضور جوعا من أجل فني، ويجب أن يتعلم الشاب العاقل دائما كيفية الاستثمار. الخوف من الفقر والخوف من الانحدار يلعبان دورا أيضا. أخشى أنه في اللحظة التي أتوقف فيها عن امتلاك المال لادخاره، سيسقط سندان من السماء على رأسي، ويعيدني إلى مكان غير سار. من غير المهذب مناقشة المال، لكن افتقار عائلتي إليه كان في كثير من الأحيان سببا للضيق والصراع عندما كنت أصغر سنا لدرجة أنني لم أستطع أبدا أن أصبح أحد هؤلاء الأشخاص الذين لا يوجد لهم المال. الهدف هو صنع ما يكفي الآن حتى لا أقلق لاحقا. أنا أقدر ما اقترحه أندرو كارنيجي: يجب على الشخص أن يقضي الثلث الأول من حياته في الحصول على أكبر قدر ممكن من التعليم، والثلث التالي يكسب أكبر قدر ممكن من المال، ثم الثلث الأخير يتخلى عن كل شيء.

3-  من حيث العمل، سرّع وباء كورونا كل شيء. بدون وقت التنقل أو الاجتماعات الشخصية، يمكنني الآن أن أكون على مكتبي أكثر من اثنتي عشرة ساعة في اليوم. عندما كان على أن أكتب، فعلت ذلك من الساعة 6 صباحا.  حتى الساعة 10 صباحا، ثم انتقلت إلى التدريس، وهو ما يعني حرفيا الانتقال من غرفة Zoom إلى أخرى، وكتم صوتي لمدة دقيقة بينهما، عندما كنت بحاجة إلى الركض للتبول. إذا كان لدي توازن ضعيف بين العمل والحياة من قبل، فقد كان من الصادم أن أرى إلى أي مدى يمكن أن أسمح لهذا التوازن بأن يتدهور.

4- كان الأمر صادما وممتعا أيضا. مدمنو العمل هم أيضا مدمنون العزاء الذي يجدونه في التعب الشديد. إنه مثل النشوة التي قد تحصل عليه عداءة الماراثون في الميل الأخير. يمكن أن أكون مستنفدة تماما ولكن نشيطة بسبب هذا النضوب. هناك فخر ماسوشي للإفراط في العمل. ما مدى ثقل عبء العمل الذي يمكنني التعامل معه حقا؟ كم عدد الأطباق التي يمكنني الاحتفاظ بها في الهواء؟ عندما أصل إلى نهاية يوم مثقل بشكل خاص، صوتي أجش من التدريس، عقلي يطن من الكثير من رسائل البريد الإلكتروني والأسئلة والمواعيد النهائية، أتعهد بعدم السماح بحدوث ذلك مرة أخرى، مع العلم جيدا أنه بمجرد أن أحقق مستوى جديدا من الإرهاق، ستدفعني هويتي إلى محاولة تجاوزه.

5- نعلم جميعا قصة أصل مثل قصتي، لذلك سأحاول تلخيصها بسرعة. غادر والدي الصين بحثا عن فرص عمل، وطوال طفولتي، انتقلنا من مكان إلى آخر لوظيفته. لا يزال يعمل لساعات أكثر مما يجب عليه، منحنيا على جهاز كمبيوتر محمول مليء بجداول البيانات، ونظارة القراءة الخاصة به على وشك الانزلاق. في الصين، كانت والدتي صيدلانية، ولكن دون تكرار تعليمها، لم تتمكن من العثور على هذا النوع من العمل في الولايات المتحدة. هنا، عملت مؤقتا في تجارة التجزئة أو في العقارات أو كمساعدة صحية منزلية، وجميع الوظائف التي كرهتها، حتى قررت في النهاية البقاء في المنزل. تركت تعاستها من منزلها القسري انطباعا عميقا لديّ، لدرجة أنني في كل مرة أمر فيها بمكان تعمل فيه والدتي، مثل متاجر شجرة عيد الميلاد، أشعر بالعداء والدفء. أريد أن أذهب ولا أشتري شيئا. أريد أن أذهب وأشتري (كاو تايلز- حكايات البقر (، الحلوى التي ستحضرها لي إلى المنزل بعد ورديات عملها. أنا الطفلة الوحيدة لأمي، وكانت رسالتها لي واضحة: يجب أن يكون لديك مهنة في هذا البلد. لم أتخلَ عن وظيفتي من أجل لا شيء.

6- مؤسف إلى حد ما لوالديّ، إذن، أنني وقعت في حب الجُمَل. الجُمَل؟ أسمع والدي يسأل. ما هو عظيم جدا عنها؟ ليس الأمر أن الوظائف في العلوم أو القانون أو الإدارة المالية هي المهن الوحيدة التي يعرفونها. كل ما في الأمر أن هذه هي أوضح الطرق لما يعتبرونه نجاحا: أن تعتبر طفلتهم البالغة مهمة، وأن ترتقي إلى أعلى مستويات المجتمع الأمريكي، وأن كل كدح المهاجر هذا، لم يذهب سدى. إن المجتمع الأمريكي الصيني الذي نشأت فيه وما زلت أنتمي إليه يتطلب مستوى معينا من الطموح والبحث عن المكانة لدى أعضائه، وعلى الرغم من انشقاق بعض الأطفال، فإن الغالبية العظمى منا لم تفعل ذلك. بشكل جماعي، ربما يكون آباؤنا قد طالبوا منا بالكثير، لكن أولئك الذين استجابوا بشكل موثوق لتلك المطالب وأصبحوا شباب محترفين، في استقرارهم ونجاحهم المكتشفين حديثا، أثبتوا أن والديهم على حق. أقرب أصدقائي وأقاربي ليسوا في الفنون، وليس لديهم أي فكرة عما أفعله في يوم واحد ولا فكرة عن سبب اختياري للكتابة. "هل الكتابة تعتبر عمل؟" يتساءل بعضهم. أم أجلس فقط حول المقاهي وأدخن وأشرب وأنتظر أن يقوم الإلهام بضربته؟ كيف تعرف ماذا تكتب إذا لم يخبرك أحد؟ كيف تكتب كتابا كاملا بدون موعد نهائي؟ أعتقد أن الاستنتاج الذي توصل إليه معظم أصدقائي هو أنني أعمل ولا أعمل. ويربكهم أيضًا حقيقة أنني ما زلت أدرس كمُدرّس مساعد عندما يجب أن يعمل شخص في عمري نحو شيء أكثر جوهرية، أو على الأقل مسار الحيازة كي أصبح بروفيسرة. إذا كنت والدي، فأنت مباشر: "ليس لديك وظيفة حقيقية، Weike، ولا أستطيع أن أفهم السبب". ردود الفعل هذه تزعجني وتحزنني. إنها تجعلني أعمل بجدية أكبر، وفي بعض الأحيان، أصبحت دفاعية بشكل مفرط. من أنت لتخبرني بما يمكنني وما لا يمكنني فعله؟ ومع ذلك، من أنا لأحرم والدي وبقية هذا المجتمع من تعريفهم الآمن -ولكن الضيق- للعمل ذي السمعة الطيبة؟

7- نصيحة يسمعها الشخص في كل مكان: يجب أن تبذل ضعف المجهود للحصول على نصف. النتيجة. يجب أن تقول نعم عدة مرات قبل أن تتمكن من قول لا. في الواقع، حاول ألا تقول لا على الإطلاق، لأنه في اللحظة التي تفعل فيها ذلك، سيأخذ شخص آخر مكانك، ولن تحصل على فرصة ثانية. هل يتم إخبار الرجال البيض بهذه الأشياء بقدر ما يتم إخبار النساء الآسيويات والمهاجرين؟ وهل يتم إخبارهم بهذه الأشياء من قبل كل من حولهم، خاصة إذا كانوا فتيات، خوفا من أن الطفل الذي لا يسمع هذه التحذيرات بضع مئات من المرات على الأقل سوف يكبر ساذجا للغاية؟

8- فيما يتعلق بالنقطة السابقة وهي أسطورة الأقلية النموذجية، والتي لا أعتقد أنها أسطورة. لمدة عام بعد الكلية، عملت تحت إشراف طبيبة نادرا ما عاملتني مثل مساعد البحث الاكلينيكي الذي كنت عليه، وبدلا من ذلك، في معظم الأيام، كانت تعاملني كما لو كنت خادمتها/ شرموطتها/عاهرتها. 



كانت الطبيبة، وهي امرأة مسنة، ضليعة في الصور النمطية. كنت واحدة من اثنتين من مساعدي الأبحاث الإكلينيكية في معملها، وكانت تخبر كلانا، في كثير من الأحيان، بطريقة متفائلة وشبيهة بالإعلانات التجارية، أنها توظف فقط النساء الآسيويات اللواتي ذهبن إلى جامعة هارفارد لأننا كنا الأفضل. (وهي تنفي الآن أنها قالت هذا). كنا الأفضل في العمل الإضافي دون تسجيله (لأنه، على الورق، كان من المفترض أن نعمل أربعين ساعة فقط في الأسبوع). كنا الأفضل في عدم أخذ استراحات الغداء (كانت استراحة الغداء ثلاثين دقيقة في اليوم لكل فرد، والتي لم تستطع تحملها، بصفتها المحققة الرئيسية في منحة بملايين الدولارات). كنا الأفضل في تناول الطعام في مكاتبنا أثناء العمل، في الرد على مكالماتها الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني 24/7، في جدولة سفرها، دون السفر بأنفسنا. (وتؤكد أنها كانت تتبع سياسة الموارد البشرية في جميع الأوقات). 



في أحد الأيام، شعرت بالرغبة في الثرثرة مع أمي، واشتكيت، بلا مبرر، من هذه الطبيبة. لم تر أمي ما هي المشكلة. ذكرتني أن صاحب العمل يريدك أن تعملي. لماذا يدفع لك صاحب العمل مقابل عدم القيام بأي شيء؟ مر العام ببطء وهدوء، حتى دخلت مساعدة الأبحاث الاكلينيكية الأخرى في خلاف شخصي مع الطبيبة حول خطاب توصية لكلية الطب وافقت الطبيبة على كتابته، لكنها بدأت بعد ذلك في رفض الكتابة بعد أن أعربت زميلتي عن رغبتها في ترك منصبها مبكرا. (لا تتذكر الطبيبة وجود هذه المواجهة.) 



بالنسبة لشخص مثلي أو زميلتي، فإن العمل في وظيفة كهذه. ويلوح في الأفق دائما لأمل في الحصول على خطاب توصية جيد، والخوف من عدم الحصول على واحد. كان خطاب التوصية هو السبب الحقيقي الوحيد لتولي الوظيفة في المقام الأول وتحملها. في عالم الطب الهرمي، يتمتع الباحث الرئيسي بالسيطرة الكاملة على الرسالة التي يكتبها (أو لا يكتبها)، لذلك من السهل أن تتدلى أمام الموظف.


 

 بعد شهرين مضطربين، بعد إرسال الخطاب أخيرا إلى لجنة تمهيدي الطب بجامعة هارفارد ومغادرة زميلتي، تم استبدالها بامرأة هندية، ليست من جامعة هارفارد، وعلى الرغم من أن الطبيبة العصبية لا تستحق أيا منا، لم أستطع إلا أن أكون منزعجة لأن أحدنا، بطريقة ما، فشل في الارتقاء إلى مستوى صورة المرأة الآسيوية المتوافقة. تتطلب ثقافة الألفية واليقظة ألا أشعر بهذه الطريقة. يجب أن أقاوم كل الصور النمطية وأن أجبر الآخرين على رؤية الآسيويين أكثر من ذلك بكثير. بالطبع، نحن أكثر من ذلك بكثير، لكن محو الأقلية النموذجية تماما سيكون بمثابة محو العديد من الأشخاص الذين أعرفهم، بما في ذلك جزء مني. ومن شأن ذلك أن يمحو شخصا مثل والدي، الذي كتب في الصين، في الثلاثينيات من عمره، عشرات الرسائل إلى أساتذة غربيين، واعدا بالعمل بجد مثل خمسة طلاب دراسات عليا، وما إلى ذلك، إذا تمت رعاية تأشيرة الطالب الخاصة به. انتهى والدي بالدراسة في أستراليا، حيث أثار إعجاب مستشاره بما يكفي للحصول على توصية لمنصب ما بعد الدكتوراه في الولايات المتحدة. لو لم يعمل والدي بجد لتحسين إمكانياتنا، هل كان لدي رفاهية كتابة هذه الكلمات عنه اليوم؟

9-  أدرك أن المشكلة تدور، رغم ذلك. إن تسمية الأقلية النموذجية هي بالفعل نوع من المحو، لأنها تقلل من الفردية. في المرات النادرة التي قابلت فيها رؤساء أبي، كانوا مليئين بالثناء على أخلاقيات عمله وموثوقيته، واستطعت أن أرى أن والدي كان فخورا بالتحقق من صحتهم. لكنني أشك في أنهم كانوا يعرفون الكثير عنه، أو عن اهتماماته في البستنة أو مشاريع تحسين المنزل أو حبه العميق لدقيق الشوفان. في الوقت الذي سبق نزاع الرسالة بين الطبيب وزميلتي، تم الإعلان عن شيء عن أسلوب حياة الأخيرة. كان زميلتي متورطة مع امرأة أخرى (وهو كشف ربما لم يسجله الطبيب)، ولأن العلاقة لم تكن تسير على ما يرام، كانت زميلتي في حالة ذهول واضح حيال ذلك في العمل. انفصلت هي والمرأة في النهاية، وأدى انفصالهما إلى طلب زميلتي بمغادرة المنصب مبكرا. لم تكن الطبيبة سعيدة بهذا، بالطبع، لذلك بدأت الملحمة حول الخطاب. من المنطقي أن إشعار زميلتي المفاجئ قد أزعج الطبيبة، لكنني لم أستطع إلا أن أتساءل أيضا عن الاحتمال الآخر. هل كانت زميلتي منفتحة للغاية بشأن نفسها وهل تعرف الطبيبة الآن أكثر مما تريد عن مساعدتها في البحث الإكلينيكي؟ غالبا ما يتوقع من المرأة الآسيوية العاملة ألا تكون متوافقة وقوة عاملة فحسب، بل أيضا محايدة وغير ضارة وخالية من الشخصية. إن توظيف أحدنا يعني توظيف شخص لا داعي للقلق بشأنه، فيما يتعلق ب "السلوك السيئ"، لأنه لا ينظر إلينا حقا كبشر/ناس

10- كانت المرة الأولى التي وجدت فيها نفسي مرهقة حقا عندما تم اختياري للحصول على ماجستير في الأدب في جامعة بوسطن بالتزامن مع درجة الدكتوراه في علم الأوبئة في جامعة هارفارد. كانت أسباب الدرجة المزدوجة عملية. أولا، ما زلت أهتم قليلا بما يعتقده والداي عني، ولم يسمحوا لي بالانسحاب من الدكتوراه. ثانيا، على عكس الماجستير، تدفع الدكتوراه راتبا صغيرا. نظرا لأن إكمال برنامجين في مدرستين مختلفتين في وقت واحد لم يكن مسموحا به تقنيا، لم أخبر أحدا، ولم يتحقق أحد. خلال عام ونصف من التداخل، كنت مشدودة ومفتتة. بالنسبة للدكتوراه، كنت أتحمل عبئا كاملا للدورة التدريبية، وأبحث، وأدرس لامتحاناتي المؤهلة. 

بالنسبة لماجستير الآدب، كنت أيضا أتحمل عبئا دراسيا كاملا، وأقوم بالتدريس، وأحاول إنهاء رواية لأطروحتي، والتي ستكون آخر عمل أتلقى تعليقات عليه من الأساتذة الذين أعجبت بهم أكثر. لذا، بدأت طقوس الكتابة من 6 السادسة إلى العاشرة صباحا. ثم الكتابة يوم السبت، مع تخصيص أيام الأحد لأعمال أخرى. لتكملة راتبي في مدرسة الدراسات العليا، بدأت التدريس لشركة خاصة للإعداد للاختبارات، وهي وظيفة تتطلب مني أن أكون على اطلاع دائم بخمسة اختبارات موحدة مختلفة. كان من الممكن أن تسوء الكثير من الأشياء. كان من الممكن أن يكون مستشار الدكتوراه الخاص بي صعب لا يمكن ابتلاعه، بدلا من العكس تماما. كان من الممكن أن أفشل في امتحاناتي التأهيلية وأطرد من البرنامج. 


كان من الممكن أن تكون أطروحتي الأدبية متوسطة، وتكون ردود الفعل هي أنه لم يكن لدي موهبة حقيقية للكتابة. كان من الممكن أن أصاب بانهيار عقلي، أو أثناء إحدى رحلاتي غير المستقرة بالدراجة بين منطقة لونج وود وجامعة بوسطن، يصدمني الأوتوبيس رقم 47 ولا أتمكن من الوصول إلى ورشة العمل. لحسن الحظ، لم يحدث أي من هذه الأشياء، وتمكنت من العمل دون عوائق.

"هل العمل كثيرا يرضيك؟" سأل صديق كاتب متشكك. لقد فتحت له قليلا عن حياتي الأخرى، ثم ندمت على ذلك. لم أكن أحاول التباهي. كنت أحاول فقط أن أشرح لماذا كنت متعبة لمدة شهر كامل. بدا منزعجا من مقدار عملي، وبعد أن أعرب عن قلقه على صحتي العامة، اقترح أنه لأنني لم أكن أعطي ماجستير الأدب اهتمامي الكامل، لم أكن آخذ كتاباتي على محمل الجد. كنت آخذ كتاباتي على محمل الجد، لكنني كنت بحاجة أيضا إلى دفع الإيجار. من ناحية أخرى، كانت حالته المادية على ما يرام، وسيظل على ما يرام، حتى لو لم يكسب المال من كتاباته. تجاهلت حكمه، ولفترة أطول، واصلنا أن نكون أصدقاء حميمين. الحقيقة الواضحة ولكن المملة هي أن البعض منا مشروط بالعمل بجدية أكبر من الآخرين لأن البعض منا لديه الكثير لإثباته. لو ذكرت هذا لصديقي، لكان قد لف عينيه.

11- ي روايتي الأولى، "الكيمياء“، تعترف الراوية بعدم رغبتها في الزواج حتى تنجز شيئا ما. لقد شاركت هذا الرأي إلى حد ما عندما كتبت هذه السطور، لكن الآن بعد أن تزوجت، غيرت رأيي. بدون زوجي، لن أكون قادرة على العمل بالقدر الذي أفعله. لديه وظيفة بدوام كامل، ولكن وظيفة واحدة فقط، وفي نفس المجال الذي عمل فيه لمدة ستة عشر عاما. إنه شخص مراع، أنيق ومنظم، ولا يخاف من الحياة المنزلية مثلي. خلال الأسبوع، يقوم بإعداد وجباتنا، ويعتني بالغسيل والأطباق، ويدير مهمات متنوعة، مثل تسليم البريد في مكتب البريد. أحيانا في الساعة 7 صباحا.، بينما أكتب، سيظهر فنجان قهوة ساخن خلسة أمامي، على كوستر خشبي بين سطح المكتب ولوحة المفاتيح. ثم في الساعة 5 مساء، إذا كنت لا أزال في اجتماع، فسيظهر مشروب في نفس المكان.

12- العمل المنزلي لم يهمني أبدا، على ما أعتقد، لأنني شاهدت والدتي تفعل الكثير منه على مضض. خلال الفترة التي عملت فيها كمساعدة صحية منزلية، ذهبت معها، لأنه إذا كانت في هذه الوظيفة، فلن يكون أحد في المنزل يراقبني. جلست في المطابخ بينما كانت تنظف وتصنع طعاما طريا لعملائها الأكبر سنا، الذين ناموا منتصبين في أسرتهم. أفهم أن الطهي يمكن أن يكون مريحا، ويمكن أن يكون وسيلة لإظهار شخص ما، مثل زوجك أو والدتك، أنك تهتم، لكنني لم أجد موطئ قدم لي بعد في ذلك. المهمة المنزلية الوحيدة التي سأجبر على القيام بها هي النظافة. في صباح عطلة نهاية الأسبوع، سألتقط الفراغ أو المنفضة وأعمل في طريقي حول الشقة، حتى أتوقف عن رؤية الغبار في الهواء. لا أحب المناديل الضالة أو الأغلفة الفارغة على الطاولات. أنا لا أحب الفوضى. الأهمية الاجتماعية للنظافة لا تضيع علي. أينما كنا نعيش عندما كنت طفلة، مهما كانت المساحة صغيرة، حافظ والداي على ترتيبها، في حالة زيارة شخص ما، مثل مالك العقار، بشكل غير متوقع. حافظ والداي على ترتيبهما أيضا. كانوا يرتدون ملابس بسيطة ويستيقظون مبكرا للاستحمام قبل العمل بالصابون غير المعطر. لا يمكنك أن تكون عائلة فقيرة ومن الأقلية وتعيش في القذارة. لا يمكنك الحضور إلى العمل متسخ أو تقوم بتربية الأطفال الذين لا يغسلون وجوههم قبل المدرسة.

13- يتم تعريف بعض المهن من خلال مقدار العمل الذي تتطلبه، وعبء العمل في الطب معروف جيدا. بالنسبة لروايتي الثانية، "جوان بخير“، وهي قصة عن طبيب أمريكي آسيوي يعمل كثيرا، أجريت مقابلات مع أصدقائي الأطباء الأمريكيين الآسيويين. سألتهم لماذا ذهبوا إلى هذا المجال. قال أحدهم: "لأنني أعتبر شخصا جادا، والشخص الجاد يقوم بعمل جاد". وقالت طبيبة وعالمة أخرى شيئا مشابها، لكنها وصفت الطب بأنه "عمل مزدحم"، مما يعني أنه يستغرق وقتا بعيدا عن العمل الحقيقي، الذي كان في رأيها بحثا. ولكن بالنسبة لكل من الطب والبحث، فقد التزمت، مثل الآخرين، بالليالي وعطلات نهاية الأسبوع. رأيت نفس السلوك في الكلية والدراسات العليا، خاصة بين الأكثر طموحا وأولئك الذين يتنافسون على وظائف على مستوى المؤسسة. كانت المنافسة الضمنية هي من يمكنه العمل لأطول وأصعب، وفي المقابل، يكون الأكثر مصالحة ذاتية حيال ذلك. هل كان هناك شيء مثل يوم عطلة؟ لا، وكلما حضرت أكثر عندما لم يكن من المفترض أن تفعل ذلك، زاد الاحترام الذي يمكنك كسبه. إن إرهاق العمل هو تعظيم الذات والكارثة. الأول: لا يوجد عمل أكثر أهمية من عملك، ولا يمكن لأحد أن يفعل ما تفعله، ولا حتى طبيب آخر. هذا الأخير: إذا لم يسمح لك بالعمل، فماذا؟ إن عدم وجود مطالب منظمة على وقتك من شأنه أن يثير القلق، لأنه إذا كنت لا تساهم بنشاط في شيء ما، فلماذا أنت موجود حتى؟

14- الحيلة لتحقيق التوازن بين خمس وظائف هي عدم المماطلة أبدا. ما يمكنك القيام به الآن، عليك القيام به الآن. عندما يتم تقديم طلب جديد، فإنك تعالجه على الفور، مثل أنبوب الاندفاع. سؤال من طالب؟ الرد في غضون خمس دقائق. سؤال من رئيسك في العمل؟ الرد في غضون دقيقتين. أوراق الدرجات؟ ابدأ اللحظة التي يتم تسليمها فيها. أشياء متنوعة أخرى؟ اضغطها كلما استطعت، ولكن قم بإنهائها بنهاية اليوم. لقد أخذت فقط اثني عشر درسا أو نحو ذلك من دروس اليوغا في حياتي، وعلى الرغم من أنني أحب العملية العامة للتمدد والتدفق، إلا أنني أشعر بضغط منهك في نهاية الفصل، عندما يتوقع مني الاستلقاء هناك لمدة عشر دقائق، والتنفس، والتفكير في أي شيء. أفكر في عدد رسائل البريد الإلكتروني التي كان بإمكاني إرسالها في ذلك الوقت.


15. الغريب، أنا أحسد أولئك الذين يستطيعون المماطلة. في عطلات نهاية الأسبوع، عندما أقوم بالتدريس، أجد زوجي أحيانا على الأريكة، بدون كمبيوتر محمول مفتوح، ولا غيتار كهربائي في متناول اليد، فقط على الأريكة، يداعب كلبنا. غلطة مني، لكن قد أسأل، "مهلا، ماذا تفعل الآن؟" يبتسم لي ويقول، مازحا، إنه يفكر في القيام بعمل. حتى عندما أحاول المماطلة، لا أستطيع. يصل المهاجرون، بحكم تعريفهم، إلى بلد جديد بلا شيء، ولا رأس مال - اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي - وما هو متأصل في هؤلاء الأشخاص وأطفالهم هو الشعور بأنهم متأخرون بالفعل، لذلك ليس هناك وقت نضيعه.  في فصول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، قابلت الكثير من الأشخاص مثلي - النوع أ، النفعي، جيد جدا في إدارة المعلومات وإنجاز المهام. في فصول الكتابة، هناك عدد أقل من هؤلاء الطلاب، وبشكل عام، عدد أقل من الأشخاص الملونين والمهاجرين. نوع الشخص الذي أصادفه كثيرا هو الشخص الذي يعتمد على الموهبة أكثر من العمل. هؤلاء الطلاب لا يكلفون أنفسهم عناء بدء مشروع في وقت مبكر أو مراجعة. يقضون وقتا أطول في الجدال مع المعلم أو انتقاد جمل الآخرين أكثر من كتابة جملهم الخاصة. يجب أن تكون اللحظة مناسبة لهم لإنهاء شيء من التألق الحقيقي - وإلا، فلماذا المخاطرة باستنزاف المخزون؟ قبل أن أبدأ في أخذ دروس الكتابة، لم أقابل أي شخص من هذا القبيل. لم أفهم حقا كيف يمكن أن يؤدي العمل بجدية أكبر في شيء ما إلى تدميره بدلا من تحسينه. ولكن، بطريقة ما، كانت شرارة الكتابة حساسة، وإما أن تكون لديك أو لم تملكها. لم يكن هناك جدوى من الإفراط في تمديد نفسك لمعرفة ذلك. هنا أفكر في صديقي الكاتب المتشكك الذي اعتقد أنني لم أكن آخذ كتاباتي على محمل الجد لأنني كنت أعمل كثيرا ولم أترك عقلي يغرق - لا أتركه يمتلئ بالأفكار الكبيرة، وفقا لتشخيصه. مثل العديد من الكتاب في برنامج ماجستير الأدب الخاص بي، كان موهوبا ومقروءا جيدا وواسع المعرفة، أكثر بكثير من، على سبيل المثال، شخص مثلي ، جاء إلى الكتابة متأخرا. ولكن على الرغم من إعجابي بعمله، إلا أنني لم أحترم نهجه عندما أنجزه. لم أحترم كسله.


16. الوقت الوحيد الذي لا أستطيع فيه إحضار نفسي إلى العمل هو فترة المساء. من حوالي الساعة 6 مساء حتى وقت النوم، ينغلق عقلي. في الكلية، أجبرت على العمل ليلا لأن الفصول التي أخذتها كانت تحتوي على مجموعات اختبارات أسبوعية، وفي الليل، غالبا في وقت متأخر من الليل، كان هذا الوقت الوحيد الذي يمكن فيه لزملائي في الفصل التجمع والتحقق من الإجابات. الآن أستخدم هذا الوقت للقراءة أو مشاهدة التلفزيون أو دراسة اللغة الصينية.

دراسة اللغة مريحة بالنسبة لي لأنها منهجية وشيء يمكنني الالتزام به كل يوم. على الرغم من حقيقة أن اللغة الصينية هي لغتي الأولى ولغتي الأم، إلا أنني أتحدثها وأقرأها وأكتبها بنصف الثقة التي لدي في اللغة الإنجليزية. أجد أنه من المرعب، في الواقع، مدى سرعة نسيان جيلي من الأمريكيين الصينيين والقادمين للغة الصينية. كان هناك خوف بين آبائنا من أنه إذا لم ننشأ في أسرة ناطقة باللغة الإنجليزية، فلن نندمج جيدا في القوى العاملة. ليس من المستغرب أن يؤدي فقدان اللغة إلى فقدان الهوية. وعلى الأقل عندما كنت أكبر، لم يكن من الجيد أبدا أن أبدو صينيا أكثر من اللازم. 



ربما استوعبنا الصور النمطية السلبية المفروضة علينا وأصبحنا، أنفسنا، نعتذر عنها. آسف لأننا صينيون، آسف لأن عليك التعامل معنا، آسف لأننا هنا. عندما كنت أصغر سنا، بدا الاستيعاب مرغوبا فيه بشكل لا يصدق. بالطبع تريد الاندماج، لأنك تريد أن تكون محبوبا وأن يكون لديك أصدقاء رائعون. ما هي الهوية الأمريكية الصينية إن لم تكن تعاني في مرحلة ما من الإحراج الحاد لكونك أمريكيا صينيا؟ أكره أنني كنت أشعر بالحرج من نفسي، لكنني سأكون كاذبة إذا قلت إن هذا الإحراج لا يعود مرة أخرى. 



في مترو الأنفاق من شارع كنال، أسمع مقتطفات من الصينية الصاخبة من امرأة عجوز تصرخ في هاتفها وتدفع عربة كبيرة من الأكياس البلاستيكية. أنا أرتد غريزيا وأكره نفسي لفعل لذلك. تتحول المرأة العجوز إلى أقرب شخص آسيوي وتسأل عن المحطة التالية. ترفع الفتاة يدها لتقول إنها لا تتحدث الصينية أو تشير بقوة إلى علامة مترو الأنفاق وترد باللغة الإنجليزية. 



افتراضية ضعيفة أن أي شخص يبدو صينيا يمكنه التحدث باللغة، ولكن لدي أيضا أصدقاء يجيدون اللغة الصينية لكنهم يرفضون التحدث بها. الصينية، بالنسبة لهم، هي لغة مدرسة الأحد الصينية، والعار العام، والحروب الثقافية، والماضي غير المكرر. يبدو الأمر كما لو أنهم أصبحوا كبروا في أمريكا، كان عليهم التخلي عن اللغة. أنا ممتنة لأن والدي لم يستطيعا التحدث باللغة الإنجليزية جيدا بما يكفي للحفاظ على التحدث بها في المنزل، وبدون أي أشقاء، أجبرت على التحدث باللغة الصينية معهم ومع أصدقائهم والأقارب الآخرين. عندما غادرت إلى الكلية، انتقلت من التحدث باللغة الصينية يوميا، بشكل مستمر، إلى ربما عشرين دقيقة في الأسبوع. 



لبضع سنوات، تركت العضلات تذهب، ثم قررت أنه لا يمكنني فعل ذلك، لأن لدي التزامات تجاه نفسي وعائلتي وتراثي. لذلك، لمدة ساعة كل يوم، أعمل من خلال الكتب المدرسية لاختبار المستوى للغة الصينية، وأستمع إلى البودكاست الصيني، وأراجع البطاقات التعليمية. لحفظ الأحرف، أكتبها مرارا وتكرارا بقلم جل على دفاتر كتابة بيضاء صغيرة، أثناء تنقلاتي بالقطار إلى العمل. كل أسبوع، أتحدث مع مدرس حول مواضيع عشوائية، مثل السيارات الكهربائية أو الهندسة المعمارية الحديثة. أدفع لمدرس خاص لأنني أرغب في التحدث باللغة الصينية لشخص ليس من أقربائي. الأمل المثالي في داخلي أن أتمكن من إتقان اللغة بما يكفي لأشرح لعائلتي ما أفعله ولماذا، بنفس العمق الذي يمكنني من خلاله التعبير عن هذه المفاهيم باللغة الإنجليزية، وعلى الصفحة. هذا مستحيل، لأن بعض الخواطر والأفكار غير قابلة للترجمة، لكنني ملزمة بالمحاولة.



17. لا أتوقع أخذ السنوات القليلة القادمة باستخفاف أو السماح لنفسي بالراحة. أنا محظوظة لأنني قادرة على القيام بالعمل الذي أقوم به، إلى المستوى الذي يمكنني القيام به، وبالاستقلالية التي أمتلكها. عندما ينتهي مشروع واحد، أعتقد، الآن لدي بعض الوقت للتنفس والسفر إلى مكان ما وعدم القيام بأي شيء. لم يحن بعد وقت عدم القيام بأي شيء، ولماذا يجب أن يحن ذلك؟ لا تزال معظم مسيرتي المهنية أمامي، وإذا لم أبذل قصارى جهدي لتحقيق ذلك، فمن سيفعل؟

2+2 =

 نبني الكثير على فرضيّات وردية ثم تأتي قواعد البحث العلمي الجافة لتنسف كل أمانينا في السلام أو على الأقل فرصة للنجاة.

هناك أسئلة يجوز طرحها مثل 2+2. في الماضي كانت الإجابة 4، واليوم الإجابة 4 وغدًا ستكون الإجابة ايضا 4. وهناك أسئلة لا يجب طرحها من البداية مثل متى يعّم السلام العالم؟ أو من أين نأتي بكل هذا الأسى؟ أو لماذا تنتصر الآلام؟

كُتب غيّرت عقولنا - محاولة سنة 1939 وكتب حركت العالم محاولة سنة 1945





في عام ١٩٣٩، قام مالكولم كاولي Malcolm Cowley وبرنارد سميث Bernard Smith بمحاولة  لاختيار الكتب التي غيرت عقولنا، وبمعاونة فئة مختارة من رجال التعليم والمؤرخين والنقاد والمحاضرين ورجال الإعلان الأمريكيين، جاء ١٢ عنوانًا في رأس القائمة على أنها، في حكم هذه الفئة، أهمها في تشكيل العقل الأمريكي المعاصر، ولكنهم أوصوا ﺑ ١٣٤ كتابًا أخرى، فكان الاختيار النهائي:
  1. فرويد: «تفسير الأحلام».
  2. آدمز: «تعليم هنري آدمز».
  3. تيرنر: «الطليعة في التاريخ الأمريكي».
  4. «سمنر Sumner»: «طرق الشعب Folkways».
  5. فبلين Veblen: «مشروع العمل».
  6. ديوي Dewey: «دراسة في النظرية المنطقية».
  7. بواس Boas: «عقل الرجل البدائي».
  8. بيرد: «التفسير الاقتصادي للدستور».
  9. ريتشاردز: «مبادئ النقد الأدبي».
  10. بارنجتون Parrington: «التيارات الرئيسية في الفكر الأمريكي».
  11. لينين Lenin: «الدولة والثورة».
  12. سبنجلر: «تدهور الغرب».

ومن هذه الاثني عشر كتابًا رأى ويكس وديوي وبيرد اختيار مؤلفات فرويد وآدم وتيرنر وسبنجلر.

وقام الكاتب الإنجليزي هوراس شيب Horace Shipp بمحاولة أخرى لاختيار أعظم الكتب تأثيرًا ليستعملها في كتابه «كتب حركت العالم» (١٩٤٥م) دون تحديد للزمان أو المكان أو الموضوعات. فاستقر رأي شيب على اختيار عشرة كتب هي:
  1. التوراة.
  2. أفلاطون Plato: «الجمهورية».
  3. القديس أوجستين: «مدينة الله».
  4. «القرآن».
  5. دانتي: «الكوميديا الإلهية».
  6. «مسرحيات شكسبير».
  7. بنيان Bunyan: «تقدم الحج».
  8. ميلتون: «عضوية محكمة جنايات أثينا».
  9. داروين: «أصل الأجناس».
  10. ماركس: «رأس المال».

يتضح مما سبق أنه من الصعب جدًّا الإجماع على كتاب بعينه. والاختيار أمرٌ شخصيٌّ إلى درجة كبيرة وموضوعي جدًّا. والاتفاق التام على معظم الكتب المختارة غير محتمل.

لماذا قتلت يوسف؟

أمطرتْ في عيون "غالية" السوداء الواسعة سحابة حزن. لم تتكحل كالعادة وتبعثرت رموشها الطويله فى عشوائية:

-    لماذا قتلتْ يوسف؟

سألتني وألقت بجسدها على مقعد أمام مكتبي:

-    كان لابد أن يموت.. لقد أخطأ

-    لو قتلتْ كل الخطائين، انقرض البشر من الأرض

-    لكنه أخطأ في حق من يحب

-    كل العشاق مذنبون

-    إذن، ينال عقابه

-    في أي دنيا تعيش؟ انظر حولك.. يحكمنا المجرمون

-    أنا أحقق العدالة بين طيّات الورق

-    لن أقرأ لك سطرًا بعد اليوم

-    لا أصدقكِ

قامت وأشهرت سبابتها في وجهي:

-    غيّر النهاية إذن وتذكّر جيدًا، لن يبق لنا شيئا إن خلت الكتب من السعادة!

 

أخذتُ ورقة بيضاء، ورُحتُ أقتل يوسف بألف طريقة جديدة



غالب غريب - خاضعًا للعقل (8)

 


أراد غالب غريب مؤخرًا التمرد على العقل نفسه الذي خضع له طوال حياته، ورغب في الخروج عليه حتى وإن كان بصورة مؤقتة.

يلعن ضعفه المتجسد في حنايا قلبه وقسوته المنتشرة في فصوص عقله

الخير والشر فتنة. قال لنفسه 

نعم.. هما فتنة زرعها الإله في الإنسان .أي حياة تلك التي كلها اختيارات.. وأي إله هذا الذي خلق الإنسان كي يختبره؟

لعن أيامه ونزل إلى العمل